كانت اليهودية وعهدها القديم واضحة وحاسمة في معالجتها لفكرة علاقة الله بالإنسان؛ فالله (يهوه) إله محتجب: "حقا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل" (أش ٤٥: ١٥) ولا يمكن للإنسان أن يراه: "لا يراني الانسان ويعيش!" (خر٣٣: ٢٠) فيما يزيد الكلمة المتجسد الأمر تحديدا: أن أحدًا لم يسمع صوت الآب (يو٥: ٣٧) طبعا بما في ذلك موسي كليم الله؛ بحسب العهد القديم! وأن الشريعة (الناموس) الذي أُعطي بموسى؛ كان هو ميثاق العهد والعلاقة بين يهوه وبني إسرائيل؛ بالتحديد؛ مع إله محتجب لم يراه أحد ولا سمع صوته!
استقرت هذه العلاقة على أساس الناموس (الشريعة) بين الله والإنسان اليهودي آلاف السنين رغم قسوتها المفرطة وعنصريتها الطافحة؛ فلم يكن لها بديل يفضل عليها؛ حتى أنها كانت بواقعها هذا مفخرة للإنسان اليهودي؛ حتى جاء المسيح الذي لم يهدم اليهودية ولا عهدها القديم لأنه ليس هداما؛ بل مؤسسا لبناء جديد بعهد جديد؛ هو نفسه أساس هذا البناء وبانيه؛ أعلن به محبة الأب السماوي (الله) للإنسان وأسس لعلاقة جيدة بين الانسان والله هي علاقة الابن بأبيه؛ ومؤكدًا على أن لا يمكن ترقيع ثوب عهده الجديد برقع قديمة من القديم؛ الأمر الذي لم ينتبه اليه الكثيرون بغير قصد أو دبره غيرهم كمكيدة للحفاظ على وجود اليهودية إلى جوار المسيحية من خلال ربط العهد القديم بالجديد؛ فخرج المزيج ثوب مرقع مثير للشفقة والنقد وأشياء أخرى!
وبالتوازي مع هذا الثوب الجديد المرقع بالقديم؛ انتشرت المسيحية الجوفاء التي تعلم أن المسيحيين صاروا أبناء الله بالمعمودية صغارًا؛ بينما واقع حياتهم العملية لا يعكس أي علاقة بين ابن وأبيه السماوي!
والأكثر من هذا فإن الأبناء الموهومين؛ بدأوا يشتكون لماذا لا يستجيب الله صلاتي؟ ولماذا لم يصنع لي معجزة تنقذ سيارتي من التحطم في الحادثة؟ حينما سافر بها بدون صيانة للفرامل! … الخ من هذا الكم المخزي من الأسئلة؛ ناهيك عن الإجابات المضحكة المبكية من الآباء للأبناء ومن الرعاة للرعية؛ من عينة هو ربنا سقطني في الامتحان ليه؛ ألست أنا ابنه؟ فبدلا من أن تكون الإجابة صادقة: لأنك لم تذاكر جيدًا! تكون الإجابة البلهاء بإسم الإيمان: ربنا بيحبك وبيعمل الخير الذي لا تعرفه! يمكن ألا يكون السبب ليس عدم اجتهاد التلميذ ولكنه جشع المدرس مثلا؛ ولكن لا تكون الإجابة الغش والكذب على الله! وهكذا عشرات الأمثلة: ربنا أخد أبوي ليه وكنت محتاجة؛ وهكذا.
هل الخطأ عند المعلمين والرعاة والوالدين أم عند الأبناء والتلاميذ أم عند مخترقي المسيحية لتهويدها …. الخ أم بسبب تنازل الإنسان عن عقله وحكمته للفهم ليسلم رأسه لمن يربطها بقيد ويجره خلفه للسقوط معه في الحفرة؟!