لماذا وكيف شوه لاهوت العصور الوسطى؛ الفهم الحقيقي لإنجيل المسيح؟ لأن بشارة الإنجيل معناها أن الله أعطانا (وهب لنا) ابنه لكي نحيا به "أن الله أعطانا حياة أبدية؛ وهذه الحياة هي في ابنه" (١يو ١١/٥) فالحياة الأبدية هي حياة الله نفسه؛ وهو وحده الذي له الخلود في عدم موت؛ وقد وهب لنا حياته الأبدية هذه من خلال ابنه يسوع المسيح؛ فمن يقبله؛ فإنه يدخل إليه؛ ومن يثبت في محبته يثبت في الاتحاد به ومن ثم بحياته ومحبته وقداسته وسلطانه؛ وهذا هو تعليم الإنجيل
أما تشوهات لاهوت العصور؛ فقد حورت الحقيقة بناء على نظريات فلسفية بدون نصوص من الإنجيل؛ وجعلت الله قدّم ابنه لإشباع غضبه؛ حتى يعفو عن الإنسان!! وليس أنه أعطانا ابنه بمحبته لنا لكي نحيا به!
طبعًا بالأسف الشديد لا يوجد نص واحد في العهد الجديد يقول: أن المسيح مات لوفاء دَيني! ولا ما كنّا نردده في ترنيمة "كنت مديون العلي!" ولا أن الله لا يغفر إلا إذا رأى الدم!! وبالحزن العميق عليهم؛ الذين ينقلون بجهل عن غيرهم؛ اجتزأوا عبارة بدون سفك دم لا تحصل مغفرة من سياقها؛ وكرروها بمعنى أنها مرسوم إلهي أن الله لا يغفر إلا إذا رأى الدم! لتصبح صورة الآب المحب أنه إله دموي لا يمكنه أن يغفر ويصفح إلا برد اعتباره من تعدي الإنسان؛ وأن رد اعتباره لن يتحقق إلا بسفك الدم! وكل هذا نظريات مبنية على فكرة ذبائح العهد القديم؛ التي فسرت تجديفًا بالعار المخزي! أنها ترمز إلى ذبيحة المسيح!!
ثم تعالوا نقرأ معًا نص (عب ٢٢/٩) لكي نجد أنه يصف المشهد في خيمة العبادة الأرضية التي فيها تقريبًا كل شيءٍ يتطهر بالدم وبدون سفك الدم هذا لا تحدث مغفرة! وليس كلاما مطلقًا ولا عن ذبيحة المسيح من بعيد أو من قريب؛ بل بالعكس هو يقارن بين برنامج هذه الذبائح التي لم تكمل شيئًا؛ وبين كمال ذبيحة المحبة والمجد الأبدي!
السبب الخفي المحزن؛ وراء محاولة إخضاع رب المجد لناموس العقوبة والموت (ناموس الخطية والموت) هو تنامي واختراق النفوذ والتأثير اليهودي للكنيسة المسيحية؛ وإلغاء إنجيل محبة الله الذي أعطانا ابنه لكي نحيا به؛ ليحل محله مرة أخرى الناموس اليهودي وبرنامجه الذبائحي؛ لتأكيد تسيد الناموس واليهودية على المسيحية؛ وإبطال الإنجيل بشريعة الذبائح والناموس؛ بدلا من حق الإنجيل الذي هو تغيير الناموس القديم وتغيير الكهنوت اللاوي وإحلال كهنوت المسيح محله، وإحلال ناموس روح الحياة والطبيعة الجديدة محل ناموس العقوبة والخطية والموت،
من لا يريد أن يصدقني؛ أن هذه مؤمراه للاختراق اليهودي للمسيحية من أجل إخضاعها لسلطان اليهودية والناموس؛ فليقارن بين شرح ق. أثناسيوس والآباء؛ لمعنى وهدف الصليب: الغلبة على الموت والخطية والشيطان وتجديد الطبيعة بالقيامة من الأموات؛ وبين لاهوت العصور الوسطى أن هدف الصليب: هو إيفاء متطلبات العدل الإلهي طبقًا للناموس؛ لكي يدرك بوضوح كيف تم تحويل الصليب من سلطان وغلبة وتحرير إلى إخضاع للناموس! أو يتأمل عظة الأحد في معظم الكنائس الأمريكية: هل هي من الإنجيل أم من العهد القديم؟!
لهذا حرص الآباء على فصل وتمييز الكنيسة المسيحية عن اليهودية؛ والتأكيد على أنه ليس بأحد غير يسوع المسيح يكون الخلاص؛
وأن الناموس لم يكمل شيئًا؛ وأنه لا يمكن وضع أساس آخر غير الذي وُضع (الذي هو يسوع المسيح)؛ وأنه إذ قد تغير الكهنوت؛ من كهنوت هارون إلى كهنوت المسيح بالضرورة يصير تغير الناموس أيضًا (عب ١٢/٧)