 
  
          يشهدُ أصدقائي من المسلمين – ومعظمهم في الواقع من النخبة – على صدقِ محبتي للمسلمين، إذ عندما نلتقي في جلساتنا الحوارية لا تستطيع أن تفرِّق بين مسلمٍ ومسيحي. أذكرُ عبارة فضيلةِ الدكتور الشيخ الراحل عبد المعطي بيومي، في إحدى جلسات الحوار الأرثوذكسي الأزهري في صالون مكتبي، مُعبِّرًا عن حالة الانسجام والوحدة، فقال: "ضع العمامةَ والقلنسوةَ أينما شئتَ"، أي أننا لم نعد قادرين على أن نُميِّز من هو المسيحي ومن الذي يُدافع عن المسلمين في جلستنا.
أما لماذا تحولتُ من ميراث الطائفية والانقسام إلى محبةِ المسلمين عمومًا، والمصريين خصوصًا، فالسبب هو صوتُ المسيح في وصيةِ الإنجيل الذي يأمرني بمحبة الآخرين، والذي فتح عيني على حقيقة أن المسلمينَ للمسيحيين هم أبناءُ عمومةٍ وخؤولة. وعلى هذا النحو استطعتُ أن أفهم مثل السامريِّ الصالح في الإنجيل بطريقةٍ جديدةٍ ملؤها المحبةُ وقبولُ الآخر.
لا أنكرُ أنه، بالرغم من ذلك، فما زلتُ أتعرضُ شخصيًّا للتمييز والتنمر؛ حتى أن كل الكنائس صدر لها قراراتُ تقنين أوضاعها ما عدا كنائسي، على الرغم من أنني تقدمتُ بأوراق التقنين في الموعد القانوني! هذا لم يُضعِف عزيمتي، ولم يمس محبتي للمسلمين بشيء، فالكراهية والتعصُّب واقعٌ بشري لا مفر منه، ولكن وصية الإنجيل هي: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير".
تابعتُ العار القومي الذي أصابنا في إحدى قرى المنيا، والإهانة والاستهانة المرة بسلطة الدولة والقانون. ولكنني أردتُ أن أعبِّر عن رأيي في الأحداث: كمواطنٍ، من حقك أن تعبِّر عن رأيك، وأن ترفض الظلم والتمييز والاستهانة بسلطة الدولة والقانون، ولكنك كمسيحي، لا بد أن تُتمِّم وصية الإنجيل التي هي محبة الآخرين حتى لو كانوا أعداءً ومسيئين (مت ٥: ٤٤)، ليس فقط بدافع الأمانة لوصية الإنجيل، ولكن أيضًا لئلا يغلبك الشر فيقوى عليك الشرير وينال منك، فلا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير (رو ١٢: ٢١).
وهذا هو رأيي في الأحداث.
بنسلفانيا – أمريكا
٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath