انتظرتُ مع طابورِ المتوقعين لنتائجِ زيارةِ الرئيسِ الأمريكيِّ إلى الخليجِ العربي، وبالطبعِ كانت عندي توقعاتٌ وتحليلاتٌ كثيرة. ولمتابعتي الدائمةِ للعلاقةِ القويةِ بين أمريكا وإسرائيل، وللطريقةِ التي تُدارُ بها السياسةُ الأمريكية؛ فقد كنتُ متوقعًا حدوثَ تغييبٍ مُتعمَّدٍ لرئيسِ الوزراءِ الإسرائيلي عن المشهدِ السياسي تمامًا، قبل أن يُعلنَ البيتُ الأبيضُ أنه عثر على ضالَّتهِ المنشودةِ للتخلصِ من السيد نتنياهو في قصةِ مستشارِ الأمنِ القوميِّ الأمريكي: أنه يعملُ معه ! وهكذا تحقق كلامُ الكتابِ المقدسِ في عهدهِ القديمِ الذي يؤمنُ به السيد نتنياهو: "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم ١٦: ١٨). وهكذا خَلَت زيارةُ الرئيسِ الأمريكيِّ من أيِّ حضورٍ بأيِّ معنى لرئيسِ الوزراءِ الإسرائيلي، وأظنُّ أن هذا يمثلُ شرخًا عميقًا في العلاقةِ مع أمريكا لا تقوى إسرائيلُ على تحمُّلِه.
تأملتُ وفكَّرتُ كثيرًا في نتائجِ زيارةِ الرئيسِ الأمريكيِّ حتى اليومِ لمنطقةِ الخليج، سواءٌ في داخلِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ التي وظَّفت عائداتِ البترولِ الكثيرةَ في شراءِ التكنولوجيا الأمريكية والذكاء الاصطناعي والمفاعلاتِ النووية، أو في خارجِها التي تحملُ بصمةَ التأثيرِ والنجاحِ للأميرِ محمد بن سلمان: الذي بسطَ نفوذَ بلادِه على سوريا ولبنان، ومن المتوقعِ اعترافُ ترامب بالدولةِ الفلسطينيةِ (حتى لو كان محدودًا)، ثم إنَّ الأميرَ قد أمَّنَ حدودَه مع إيران واليمن، وكأنه قد استخدمَ عصا سحريةً لإلهامِ الرئيسِ الأمريكيِّ بما يريدُ ويحققُ مكاسبَه.
برأيي: أنَّ العصا السحريةَ التي استخدمها الأميرُ السعوديُّ الشابُّ لتحقيقِ كلِّ هذا النجاح هي الحرية، الحريةُ التي حرر بها شعبِه من كل ما يعيق حرية إعمال العقل والتقدم، الحرية التي جعلت جحافل الشباب السعودي تحترم وتؤيد الأمير الذي أحترم إنسانيتها ووجودها وكرامتها، والتي جعلَها أساسًا أقوى وأصلبَ ما يكون ليبنيَ عليه جديدَ مملكتِه، والانتقالَ بها بقفزةٍ هائلةٍ من عصورِ البداوةِ إلى الحضارة.
بنسلفانيا – أمريكا
۱٤ مايو ۲۰۲٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي: