رأيٌ في الأحداث (۲۳) | أنسنة، وعقلنة الخطاب الديني:
Apr 26, 2025 16
980 79

رأيٌ في الأحداث (۲۳) | أنسنة، وعقلنة الخطاب الديني:

شرُفتُ بحضور فضيلة الدكتور وكيل الأزهر آنذاك، في لقاءٍ ثقافي كنتُ قد دعوتُ إليه نخبةً من المثقفين، في إحدى قاعات فندق ميريديان النيل، قبل حوالي سبعة عشر عامًا. وتحدثتُ في اللقاء عن أهمية تجديد الخطاب الديني، وضربتُ مثالًا بما حدث من الشباب في أوروبا؛ بمغادرة الكنائس إلى الإلحاد، وحذَّرتُ وقتها من مغبَّة أن يحدث شيء مماثل لدينا في الشرق، إذا لم نُسارع بتجديد الخطاب الديني.

تحدّث بعدي مباشرةً فضيلةُ الشيخ الدكتور، مُجيبًا: بأن مثل هذا الارتداد عن الدين يحدث عندكم في مسيحية الغرب، ولكن مثله لن يحدث أبدًا عندنا في الإسلام في الشرق. ولأنني كنت أنا المُضيف فقد أغلقت فمي وسكتُّ عن الرد على فضيلته.
في العام الفائت، صدر تقرير عن مؤسسة غربية معنيَّة بحركة الأديان، ذكرت فيه: أن أكثر من عشرين مليون مصري قد تركوا الدين خلال العقدين الفائتين.

في بداية انتخاب البابا الراحل فرنسيس الأول (بابا لروما)، نادى بضرورة تجديد وتحديث الكتاب المقدس؛ لأنه قديمٌ وعتيقٌ في لغتهِ وطرحهِ، فقامت الدنيا وهاجت عليه، وكُفَّ عن هذه الفكرة. نفس المؤسسة المعنية بإحصائيات الكنائس والأديان أعلنت: أن 40% من المؤمنين الشباب قد غادروا الكنائس في أوروبا وأمريكا.

في بداية حضوري إلى أمريكا، استأجرتُ قاعة إحدى الكنائس لأُمارس خدمتي فيها، وحضر رئيس تلك الطائفة وألقى محاضرة، أجاب فيها على السؤال الذي كان يتردد: "لماذا يغادرون الكنائس؟"، وكانت إجابته في محاضرته: أنه عدم توافق الكتاب المقدس (العهد القديم) مع الإنسان المُعاصر.

من يُتابع أخبار رجال الدين وصداماتهم حول الأفكار الدينية، وصراعاتهم الفقهية، يتأكد من أن كثرةٌ من البقية المُتبقية من المؤمنين بالأديان؛ سيغادرون ! إذا لم نُسارع بأنسنة، وعصرنة، وعقلنة، وتجديد الخطاب الديني، وإعطاء الناس الفرصة؛ لفهم أديانهم بطريقةٍ عصرية، ومنطقية، وعقلانية.

 

بنسلفانيا – أمريكا

25 أبريل ۲۰۲٥

 

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:

https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV