القاعدة التي أقرها الكتاب المقدس بدءًا من التوراة في سفر التكوين (تك 2: 17) حتى إنجيل العهد الجديد في رسالة رومية (رو 6: 23) أن أُجرة الخطية هي الموت؛ فالموت أو البقاء في الموت بحسب تعبير القديس اثناسيوس صار استحقاقًا طبيعيًا وعادلاً لكل من اختار بحرية إرادته أن ينفصل عن الله: ينبوع ومصدر حياته؛ ويُلقي بنفسه بخداع أو بغباء وجهل في أحضان الموت أي إبليس (عب 2: 14).
توقيع عقوبة الموت على من لم يُخطئوا: الخطية التي تثمر موتًا؛ يصير هذا الحكم بالموت؛ تعديًا على نواميس الله في الشريعة وفي الكون؛ ولما يكون هذا المُفترَى عليه بالظلم: هو يسوع المسيح المُبشر الوديع بالحب والرحمة، وهو أيضًا نور الآب الكامل (ابنه) الذي ظهر بمحبته في جسد إنساني؛ فإن التدخل الإلهي من الآب السماوي لابد أن يكون حتمي وضروري لهذا: أقامه الله ناقضا أوجاع الموت، إذ لم يكن للموت حق عليه: لم يكن الموت قادر أن يمسكه (أع 2: 24).
لقد أتى شعب اليهود وكهنتهم على المُبشر الوديع يسوع المسيح الذي شفى مرضاهم، وفتح عيون عميانهم، وأقام موتاهم: بكل أشكال الحسد والغيرة والكراهية والانتقام والقتل والظلم والشهادة الزور عليه؛ ومع ذلك وهم يصلبونه كان يطلب من أجلهم إلى الآب السماوي: "«يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»" (لو 23: 34).
فإذا كان المسيح قد اغتاظ من الظلم، وصرخ طالبًا من الآب السماوي أن يصب نار غضبهِ نقمةً على الظالمين؛ فهل كان الآب السماوي سيستجيب له؟ وهل كان الآب السماوي سيقيمه من الأموات؟
الإجابة على هاذين السؤالين لمن فهم رسالة الإنجيل هي: نعم، الأشرار والظالمين كانوا سيحصدون ثمرة شرهم وظلمهم كما حدث لتلميذه "يهوذا" الذي خانه؛ ولكنه في هذه الحالة لن يكون قد انتصر على شر البغضة والظلم؛ إذن فلا معنى لقيامته من الأموات؛ لأن القيامة من الأموات معناها أن الموت كان قد وُضِعَ عليه ظلمًا؛ إذ لم تكن فيه خطيئةٌ تستحق الموت.
هذا تشبيه وافتراض مبسط ليشرح لنا الارتباط الشرطي بين الخطية والبقاء في الموت، وكذلك الارتباط الشرطي بين الغلبة على الخطية والانتصار على الشر وبلوغ قوة القيامة من الموت.
القديس بولس الرسول يقول "لأعرفه، وقوة قيامته، وشركة آلامه، متشبها بموته، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات." (في 3: 10-11).
هُنا يشرح بولس الرسول ببساطة الطريق إلى بلوغ قوة القيامة في حياتنا العملية واليومية: أن لا يغلبنك الشر؛ بل اغلب الشر بالغفران والمحبة والتسامح، هذا هو جوهر انجيل المسيح: المحبة التي تغلب الشر، حتى لو كان هذا الشر موتًا معنويًا أو نفسيًا؛ فستصير لك بالمسيح يسوع الذي أطعت وصاياه قوة القيامة من نفس نوع الموت الذي اصابك، وهذا هو سر الاشتراك في قوة قيامة المسيح؛ لمن يريد أن يبلغها.
وهذه هي الإجابة والبرهان على قوة القيامة: أن قوة قيامته تَستعلِن نفسها في وسطنا حتى اليوم؛ بشفاء عيون فقدت بصرها واصيبت بالعمى، وأجساد أصابها السرطان أو المرض بالاِضمحلال حتى حافة الموت؛ وغيرها من الأعمال التي كان يسوع المسيح نفسه يعملها؛ مازالت تَجرى شهادةً على قوة قيامته وحياته الغالبة للموت.
عيد قيامة مجيد، وكل عام وأنتم بخير.
بنسلفانيا – أمريكا
١٩ أبريل ۲۰۲٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي: