معلوماتي المؤكدة عن القوة العالمية الخفية التي تحكم العالم وتُسيِّر الأحداث: أنها لا تمتلك جيوشًا، ومن ثمَّ، فهي تستخدم أدوات أخرى للسيطرة على الجنس البشري، مثل الميديا للحرب النفسية والتأثير على فكر الإنسان وعقله، وبالتالي السيطرة عليه، ومثل رأس المال والاقتصاد العالمي، ومن ثمَّ الإغراء بالمعونات مع التهديد بالتجويع للضغط على إرادة الشعوب. ثم نأتي إلى الذراع الحاسمة، وهي التعاقُد أو الضغط على رؤساء الحكومات والدول لتنفيذ سياساتهم.
الحصار بهذا الشكل على الإنسان يبدوا بلا مخرج سوى الإذعان، لكن عبرة التاريخ تقول شيئًا مُغايرًا. فسقوط الاتحاد السوفيتي وإمبراطورية الشيوعية والإلحاد، وعودة الناس إلى الإيمان على النحو الذي يحدث في روسيا اليوم، وكذلك سقوط اليسار العالمي -النظام العالمي الجديد-، وهزيمة آلة الحرب والعسكرية الأمريكية القوية أمام فلاحين الأرز في فيتنام، وغير ذلك من النماذج التي كنا مُعايشين لجبروتها، مرددين في عقولنا: من يستطيع أن يقف في وجه هؤلاء؟. آلت إلى النتيجة العكسية !
على أن هذه القوى المُتحكمة في العالم ذات طبيعة غاية في المرونة والتلون في مواجهة الصعوبات والتحديات، وابتكار أساليب جديدة لتحقيق أهدافها؛ للسيطرة على العالم والشعوب. فإذا فشلت الآلة العسكرية، يلجؤون إلى الغزو الاقتصادي كما في فيتنام. وإذا يئسوا من الصين، يتحولون إلى الشرق الأوسط. وإذا استنفذوا أوروبا، يبيعونها في أقرب مزاد.
الآن نحن في الشرق الأوسط في بؤرة الصراع بسبب موقعنا وحدودنا الجغرافية؛ فقراءة التاريخ الدموي للشعب المُختار -كما هو مُسجل حرفيًا في التوراة نفسها، وكُتب العهد القديم- يُخبرنا بما سيفعله هذا الشعب مع جيرانه، إذا ملك القوة وتُوِجَ مسيحهم المُنتظر ملكًا. على أن هناك بعض القصص التي يرويها العهد القديم نفسه، مع الأمثلة التي ذكرتها في رأس المقال عن سقوط القوى المُتجبِّرة، وانتصار الإنسان، والحق، والحرية.
عبرة التاريخ وتحليل الأحداث تُخبرنا أن الخطط العالمية التي تُحاك للعالم وللبشرية، ليست بالضرورة قادرة على الوجود الأبدي، وليست كل مفاتيح الأحداث هي بيد من يضعون الخطط؛ فسقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار إمبراطورية الشيوعية أفضى إلى عودة الغالبية الساحقة إلى الإيمان، وانهيار اليسار بعدما حكمَ الغرب، وقنن الشذوذ الجنسي وزواج المثليين، يؤكد لنا حقيقة: أن البقاء للأصلح، وأن انهيار الشر صار الآن أقرب مما كنا نتوقع؛ فقد بلغ الإنسان مراحل متقدمة في امتلاك حريته، والتعبير عنها، والقدرة على تميّيز النتيجة السلبية التي انعكست على البشرية؛ ثمرة للانسياق وراء خطط وخداعات الأشرار؛ فالمعركة الآتية في ثياب: دينية، واقتصادية، وفكرية: هي معركة وعي، وإرادة، وقدرة على المواجهة والتغيير، أكثر من كونها صراعًا تقليديًا.
برأيي، ومن واقع خبرتي، فإن توفر جيش من القديسين الذين يعيشون بغلبة المحبة وبروح الإنجيل، سيكون عاملًا حاسمًا في هزيمة قُوَى الشر والطغيان. إذا تأكدنا أن من يسلك بالشر فهو من الشرير؛ فمن غلب الشرير فهو بالضرورة سيغلب الشّر أيضًا.
بنسلفانيا – أمريكا
۱ أبريل ۲۰۲٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي: