سؤال: لماذا كان الله عنصريًا واختار شعب اليهود فقط ليكون شعب الله المختار؟ لا يمكن أن يستحق إله عنصري مثل هذا العبادة؟
الحقيقة الذي يكشفها العهد القديم اليهودي، وكذلك إنجيل المسيح، وأيضًا التاريخ، يظهر صورةً مختلفة عمَّا يُشاع. ففي سفر التكوين من كتب التوراة، الفصل الرابع عشر، يخبرنا أنَّ إبراهيم أبو الآباء وكل اليهود، التقى بملكي صادق كاهن الله العلي، ودفع له العُشُور؛ أي أنّ هناك شعوبًا أخرى كانت تعبد الله غير نسل إبراهيم.
ويُخبرنا الإنجيل المقدَّس عن مَجوسٍ من المشرق (أي من بلاد فارس)، أتوا وقدموا للمسيح الطفل الوليد الهدايا. هذه شهادة أخرى على أنه كانت هناك شعوب أخرى، شهد لها التوراة والإنجيل بأنَّهم كانوا يؤمنون بالإله الحي. كذلك شهادة الإنجيل عن المصريين الذين تربّى بينهم موسى النبي (أع 7: 22)، والذين أدركوا أيضًا عبادة الإله الواحد.
أمَّا لماذا اختار الله شعب اليهود، فالحقيقة أنَّ اللهَ اختار إبراهيم لإيمانه وطاعته وتقواه؛ لكن العهد القديم كتاب يهودي بامتياز، كتبه اليهود وينتمي إلى تاريخهم، ومن ثَم فهو يُعبِّر عن الشعب اليهودي بانحيازٍ واضح.
ويبقى سؤال: لماذا أتى المسيح من بين اليهود؟ الإجابة هي أنَّه جاء من نسل إبراهيم، الرجل البار الذي آمن بالله وأطاعه ووثق فيه. ونال الوعد أن من نسله سيأتي المسيح: "وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي»." (تك 22: 18). وكذلك دَاوُد النبي، الذي كان مثالًا في محبة الأعداء، وقَبِلَ الوعدَ أن يأتي المسيحُ من نسلهِ.
فالوعدُ بمجيءِ المسيحِ من إبراهيم أبو الآباء، ونسله من رجالٍ ونساءٍ قديساتٍ كالعذراءِ مريم تحققَ في وسطِ الشعبِ اليهودي الذي كان من بينهم أنبياءٌ كثيرونَ تنبَّؤوا بمجيء المسيح، ولكن ما حدث فعليًا هو ما ذكره الإنجيل: "إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو 1: 11-12)، وهم الذين قدموه للصلب: "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا"، وظل الأكثرين منهم رافضين الإيمان بالمسيح يسوع حتى اليوم.
بنسلفانيا – أمريكا
١١ اكتوبر ٢٠٢٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "لاهوت العهد الجديد" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/NewTestamentTheology