مقدمة لا بد منها:
أعمال الآب و أعمال إبليس:
أعمال الآب كما أعلنها المسيح في يوحنا 5:
قصة المولود أعمى: مواجهة بين العهد الجديد والموروث اليهودي:
إعادة قراءة يوحنا 9: 3–4:
بين التقسيم البشري والفهم الروحي: الكتاب المقدس لم يُكتب أصلاً مقسمًا إلى أصحاحات وآيات، بل جُمعت هذه التقسيمات لاحقًا عبر اجتهاد بشر مؤمنين سعوا لتيسير القراءة والمرجعية. لذا، فالآيات الحالية ليست وحيًا منزّلًا بل بنية تفسيرية بشرية،فالقراءة السائدة للنص بناءً على هذه التقسيمات تقود إلى نتيجة خاطئة تقول: إن هذا الإنسان وُلد أعمى لكي تظهر أعمال الله فيه. وهي قراءة تصب في ذات المأساة الفكرية التي تتسرب من الموروث اليهودي، وامتدّت حتى إلى من قسّم وترجم النص، فالتقسيم السليم ينبغي أن يكون هكذا:الآية 3: "أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه." هذه جملة كاملة تنفي كل منطق العقوبة الموروث، وتضع حدًا لفكر الناموس الذي يربط العمى بالخطيئة، سواء السابقة أو الوراثية، الآية 4: "لكن لتظهر أعمال الله فيه، ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني." هذه العبارة تفتح أمامنا معنى جديدًا: أن أعمال الله تتجلى من خلال عمل المسيح نفسه، لا عبر عقوبة أو تشوّه خلقي متعمد.
الموت ليس من أعمال الله، بل من سلطان إبليس:
السؤال الذي يُطرح: لمن يُنسب الموت في العهد الجديد؟ الإجابة اللاهوتية الواضحة: الموت يُنسب لإبليس: لكي يُبيد بموته، بالموت، ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس. "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ،" (عب 2: 14): فالناس تربّت على فكر خاطئ بأن الله هو "مالك الحياة والموت". ولكن، الله ليس فيه موت لكي يُميت، لأن الموت دخل إلى العالم بحسد إبليس، لا بالله. الموت ليس عملًا إلهيًا، بل نتيجة للخطية التي جاء بها إبليس: كما أن الخطية دخلت إلى العالم بإنسان واحد، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ." (رو 5: 12): ومن ثم، الموت ليس منسوبًا لله، بل هو ثمرة خطية الإنسان وعمل إبليس.
إعلان وحدة العمل بين الآب والابن، يوحنا 5:
سر الإنجيل: الامتداد في الكنيسة
شهادة الكنيسة بأعمال الروح القدس:
"شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ." (عب 2: 4): فالبرهان ليس بالكلمات فقط، بل بالأعمال:"إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي." (يو 10: 37): فأعمال الابن في الكنيسة تُظهر أنه حي، وأنه يعمل، وأن الشهادة عنه حقيقية. للأسف الشديد، وبسبب الضعف الروحي الذي يسود في هذه الأيام، بدلًا من أن تُضرم المواهب كما ينبغي، صار من يتكلّم عن المواهب يُتهم بالكبرياء! وأصبح يُقال: "الروح القدس لا يحلّ فينا"، بل يُستهجن ويُرفض أن يُعلن أحدهم أن الروح القدس حلّ فيه وكأن هذا القول يُعتبر أنه يدّعي الألوهية! كلام مؤلم، لا يليق حتى أن يُعاد، ولكنني أذكره مضطرًا لأنه أصبح شائعًا، رغم أنه ضد الحق.
الحق يُعلن: المسيح فينا بالروح القدس:
الحق هو أن المسيح حلَّ فيَّ بالروح القدس، ولذلك تُصنع الأعمال الإلهية. وهذه الأعمال ليست مجرد مظاهر، بل هي برهان حي على صدق شهادتي، وعلى صدق الإيمان بابن الله. لأنه لا أحد يقدر أن يعمل هذه الأعمال إلا الله: منذ البد لم يُسمع أن أحدًا فتح عيني أعمى، فكيف تقولون إنه ليس من الله؟: "مُنْذُ الدَّهْرِ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فَتَحَ عَيْنَيْ مَوْلُودٍ أَعْمَى." (يو 9: 32). وهذه شهادة الرجل الأعمى التي صارت إعلانًا نبويًا أمام الجميع.
أعمال إبليس: الكذب، القتل، والخداع
النصوص السابقة تقدّم روايات مختلفة، مما يكشف عن تداخل في التعبير الناموسي القديم، بل و تناقض صارخ مع إعلان العهد الجديد!!
الجواب المسيحي: إعلان يسوع المسيح
الحرية: صورة الإنسان في إعلان المسيح
السبب الذي يجعل الإنسان قادرًا على الانحياز إلى الشر هو حرية الإرادة. عند قراءة التوراة، لا نجد لفظ "الحرية" في مفرداتها، لأن الإنسان يُقدَّم هناك كعبد للخطية، والمفهوم الناموسي لا يسمح بفكرة الحرية كجوهر الوجود البشري. لكن في إعلان المسيح، تُسترد الحرية، وتُرفع إلى مكانتها الأصلية: روح الرب عليّ، لأنه مسحني لأبشّر المساكين... لأُرسل المنسحقين في الحرية. "«رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ،" (لو 4: 18). "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا." (يو 8: 36).
عنوان المحاضرة القادمة "أنا هو القيامة والحياة"