رأيٌ في الأحداث (۳۲) | زيارةُ الرئيسِ الأمريكيِّ للشرقِ الأوسطِ
May 22, 2025 22
980 79

رأيٌ في الأحداث (۳۲) | زيارةُ الرئيسِ الأمريكيِّ للشرقِ الأوسطِ

يتداولون نكتةً هنا في أمريكا، ومفادها سؤال يطرحه أحدهم على صديقه: "لماذا لا تحدث في أمريكا انقلابات أو ثورات لتغيير نظام الحكم؟"، فيجيبه صديقه: "لأن أمريكا لا توجد بها "سفارة أمريكية"!".

كانت الخطة التي وضعتها إسرائيل قد تضمَّنت هدم أو تغيير النظام في ست دولٍ شرق أوسطية، منها ليبيا، وسوريا، والعراق، وإيران؛ لكن السخط الشعبي على اليسار الأمريكي وحزبه الديمقراطي أتى برئيسٍ جمهوريٍّ يجيد عقد الصفقات، ويعرف من أين تؤكل الكتف، ومن هنا وجد منفعة بلاده بإضافة تريليوناتٍ أُخَر على تريليونات الخليج العربي بدلًا من ضرب إيران الذي يُحقق أحلام إسرائيل دون أن ينتفع هو شيئًا.

بعد انتهاء الزيارة، صارت الإجابة واضحة على كل الأسئلة الحائرة: لماذا قاد الأمير محمد بن سلمان منطقة الخليج في هذا الدفع السخي للرئيس الأمريكي؟ لقد صارت هذه المنطقة كلها في أمان، وبمأمنٍ من الاضطرابات والتقسيمات والانقلابات والتغيرات التي اعتاد عليها "العم سام". والعم سام – لمن لا يعرف – هو الجد الأمريكي الذي لم توافه المنية بعد منذ أن أسس الولايات المتحدة الأمريكية حتى اليوم، والذي يُنجز أحفاده تباعًا خطته المستمرة؛ وفي الوقت نفسه اشتروا الخليجيون بأموالهم: التكنولوجيا الأمريكية المتطورة التي ستنقل بلادهم نقلةً تقدميةً هائلة، مع بسط نفوذ المملكة السعودية على دول جوارٍ كانت ترغب بها.

السؤال الساذج الذي ردَّده الكثيرون: لماذا لم يشارك رئيس مصر في هذا المهرجان؟ أظن أن الإجابة واضحة في فكرتين: أولًا، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن موقفه، وموقف مصر من الهيمنة الأمريكية في مواجهة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أمر بتحريك الأسطول السادس نحو شواطئ مصر؛ ثم تراجع، وأوقف المعونة الأمريكية إياها!، وتراجع بضغط من الكونغرس. أما الفكرة الثانية، فالمطلوب من مصر ليس تريليونات، بل تمديد حدود إسرائيل داخل سيناء باسم تهجير الفلسطينيين؛ أي نقل غزة إلى سيناء، وردُّ المصريين كان ولا يزال معروفًا على هذه الفكرة.

فهل تنتظر مصر حربًا؟! أظن أن هذا مُحتمل، وإن كنتُ متأكدًا – كما يحتسب الإسرائيليون أنفسهم – أنها لن تكون في صالح إسرائيل؛ لأن مصر تمتلك جيشًا كبيرًا وتنوعًا في مصادر تسليحه من الشرق والغرب. يتبقى الحل الأسهل، وهو إثارة الفتنة بين مسيحيي ومسلمي مصر، وعندنا من داخلنا ما يكفي من الجهلاء والحاقدين للاستجابة لمأجورٍ أو مندفع لإشعال صراع طائفي على الإنترنت ليتحوّل إلى صراع طائفي يحقق للعم سام ما يريد.

طبعًا هذا ليس ما أريده، ولكن هذا ما ينبغي الحذر منه.

 

بنسلفانيا – أمريكا

۱۷ مايو ۲۰۲٥

 

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:

https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV