الموروث الذي تركته لنا اليهودية ومثله الديانة المصرية القديمة؛ أن الله ملك الكون وخالقه؛ يوظف سيادته للكون ويدير شؤونه بالقوانين الكونية والقوانين التنظيمية للسلوكيات والعلاقات والحقوق والعبادة؛ ومن ثم فقوة العدالة والالتزام بالقوانين؛ تقتضي الثواب والعقاب، وعلى هذا الأساس وَضَعَ الناموس (الشريعة) العقوبات التنفيذية المُصاحبة لكل خرق أو تعدي على الشريعة بحسب الحالة؛ ناهيك عن العقوبة النهائية (الدينونة) بناء على مَجموعِهِ في التعديات النوعية المتعددة؛ بإلقاءه للوحش يلتهمه في الفرعونية أو في النار الجهنمية غير المُنطفئة في اليهودية!
فكرة العقوبة النوعية أو الأبدية (الكلية) تقوم على أن أساس النظام والعلاقة بين ملك الكون والبشر هو: القانون (أي الشريعة أو الناموس)
المسيح لم يطبق ناموس موسى على المرأة التي أُمسِكَتْ مُتلبسة بالخطية؛ والتي حسب الناموس فإنها تستوجب الإعدام رجمًا بالحجارة؛ ليس من منطق الرأفة المُتساهلة؛ ولكن لأنه جاء بناموس جديد وعهد جديد، أَحلّهُ محل الناموس القديم -دون أن يهدم وينقض القديم- (عب١٢:٧) ليس أساسه القوانين والتشريعات التي أخفقت في تغيير حياة البشر؛ ولكنه قائم على أساس تجسد النور الأزلي في بشرية المسيح؛ لكي ينير الإنسان جوهريًا "بنور الحياة" فإذا قَبِلَهُ الإنسان وثَبُتَ فيه فقد صار في النور؛ وثابتًا في الحياة الجديدة المُغيّرة، وإذا لم يَقبَلَهُ؛ فهذه هي حريته واختياره الذي سيبقيه خارج النور؛ في الظلمة، وبدون الحياة الأبدية؛ أي البقاء في الموت.
ومن ثم فقد وَضَعَ المسيح له المجد تعريفا وأساسًا مختلفًا عن الناموس لمعني الدينونة: "وهذه هي الدينونة إن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو١٩:٣) فالدينونة هي النتيجة التلقائية للبقاء في ظلمة الموت بسبب رفض نور الحياة.
وبنفس المنطق وَضَعَ الإنجيل تعريفًا مختلفًا "لغضب الله" الذي أسسه العهد القديم؛ بتوقيع العقاب الرهيب على البشرية بسبب مخالفة وتعدي الشريعة؛ ليصبح مفهوم غضب الله بحسب الإنجيل هو: البقاء في الموت نتيجةً لرفض قبول الحياة؛ إنها الحرية، وإرادة الإنسان وحرية اختياره:
"الذي يؤمن بالابن (يقبل نور الحياة) فله الحياة، والذي لا يؤمن بالابن (من أين تأتي إليه الحياة؟) لن يرى الحياة؛ بل يمكث عليه غضب الله (أي البقاء في الموت)" (يو٣٦:٣)
"من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (١يو١٢:٥)
"الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو٢٤:٥)
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "المسيح كما أعلنه الإنجيل" اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/JesusAsTheGospelRevealed.php