"أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم." (يوحنا 8: 23)
هذه الكلمات بالغة الأهمية لفهم الإنجيل بطريقة صحيحة. فحين يتحدث المسيح عن "من أسفل ومن فوق"، لا يقصد بذلك الأماكن الفيزيائية كالمستويات الأرضية، بل يشير إلى مستويين روحيين:
بحسب التقليد الأرثوذكسي، كان الجميع تحت سلطة الموت، بما في ذلك الآباء الأوائل مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، الذين كانوا في الجحيم. لكن الجحيم لم يكن مجرد مكان، بل حالتان منفصلتان داخله:
من هم في حالة انتظار، مفصولون بهُوَّة عظيمة عن الموتى الذين في قبضة الشر.
وهذا ما أشار إليه الرب في مثل لعازر والغني:
"وفوق هذا كله، بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أُثْبِتَتْ، حتى إن الذين يريدون العبور من هنا إليكم لا يقدرون، ولا الذين من هناك يجتازون إلينا." (لوقا 16: 26)
وفي تلك الحالة، كان الروح القدس يعزي القديسين الذين كانوا منتظرين الفداء العظيم.
يؤكد المسيح على هذا المفهوم في يوحنا:
"الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع، والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلم، والذي يأتي من السماء هو فوق الجميع." (يوحنا 3: 31)
وفي حديثه عن الولادة الروحية، يقول الرب:
"الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله." (يوحنا 3: 3)
إذًا، لا يمكن لمن هو من الأرض أن يدخل ملكوت السماوات ما لم يولد من فوق، أي ما لم يتجدد داخليًا ويُعاد تأهيله وفقًا للمبادئ السماوية، فتتم ولادته الروحية من جديد.
ما معنى "لا يولد من فوق"؟ سنأتي إلى التفاصيل لاحقًا، لكن علينا أولًا أن ندرك الفرق الهائل بين ما هو من فوق وما هو من تحت.
فالذي هو من تحت، إن لم يولد من فوق، فلن يكون مؤهلًا لدخول ملكوت السماوات. أي أنه لا بد من إعادة تجديده وتأهيله وصياغة عقله ونفسه وجسده بالكامل، ليُولد من جديد، وفقًا للمبادئ السماوية، فلا يمكن لإنسان أرضي أن يدخل ملكوت الله.
بسبب خطيئة آدم، انتزع إبليس السلطان من الإنسان، وأصبح الإنسان مستعبدًا للشر.
كان آدم هو رأس الخليقة، وكان ينبغي له أن يكون نقطة الوصل بين السماء والأرض، لكنه فقد هذا الدور.
بدلًا من ذلك، أصبح مستعبدًا لإبليس، وأُخضعت البشرية تحت عبودية الخطية والموت.
لكن لماذا نحن موجودون في الأرض؟
الأرض هي المكان الذي يتم فيه ولادة الأبناء الجدد للملكوت، عبر الجسد البشري.
إن خروجنا من الأرض معناه أنه لن يكون هناك مجال لتكاثر الأبناء الجدد للملكوت.
ما معنى أن المسيح صالح السماويين مع الأرضيين؟
"وَلَكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ." (2 كورنثوس 5: 18-20)
المصالحة لم تكن لأن الله كان غاضبًا، بل لأن البشرية كانت في حالة عداوة وبعد عنه:
"وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلًا أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ." (كولوسي 1: 21)
التجسد هو الذي نصب السُلَّم بين السماء والأرض، كما رآه يعقوب في رؤياه، وكما قال المسيح لنثنائيل:
"الحق الحق أقول لكم: من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان." (يوحنا 1: 51)
إذًا، التجسد هو السُلَّم الذي يربط الأرض بالسماء.
المسيح يقول في يوحنا 3: 13:
"وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء." (يوحنا 3: 13)
هذا النص كان الأنبا غريغوريوس – الله ينيح روحه - يشدد عليه لإثبات لاهوت المسيح، حيث كان يُثبت أن المسيح له وجود في السماء وفي الأرض في نفس الوقت الذي كان يتحدث فيه على الأرض، وله وجود سابق أزلي.
وكما قال المسيح لليهود:
"أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي، فرأى وفرح." (يوحنا 8: 56)
عندما كان المسيح يتحدث عن نفسه بصفته ابن الله، كان يستخدم مصطلح "الابن"، كما في قوله:
"كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير." (يوحنا 6: 40)
أما عندما يقول "ابن الإنسان"، فهو يشير إلى التجسد.
إذًا، عندما يقول:
"وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء." (يوحنا 3: 13)
فمن هو الموجود في السماء وعلى الأرض في آنٍ واحد؟ إنه ابن الإنسان، أي المسيح المتجسد.
لقد سبق أن تحدثنا في المحاضرات السابقة عن أن دم المسيح معروف منذ الأزل قبل تأسيس العالم، كما هو مكتوب:
"بل بدم كريم، كما من حمل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح، معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم." (1 بطرس 1: 19-20)
كما أن المسيح اخْتِرْنا فيه قبل تأسيس العالم:
"كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة." (أفسس 1: 4)
والمسيح هو بكر كل خليقة، كما جاء في الرسالة إلى أهل كولوسي:
"الذي هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة." (كولوسي 1: 15)
التجسد لم يكن مجرد حدث معروف مسبقًا، بل هو القوة الإلهية التي خُلِقت بها السماء والأرض وكل ما فيها،عندما نتأمل في القداس الباسيلي، نجد أن الإشارة ليست إلى مجرد "الابن"، بل إلى ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، ابن الإنسان. إذًا، ابن الإنسان ويسوع المسيح وتجسد الابن كان حاضرًا منذ الأزل وقبل تأسيس العالم، وبه خُلِقت العوالم، كما جاء في الكتاب المقدس:
"كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثًا لكل شيء، الذي به أيضًا عمل العالمين." (عبرانيين 1: 2)
نؤكد على هذا الأمر لأنه يتماشى مع التعليم البسيط الذي حدَّدته المجامع المسكونية، ذلك التعليم الذي يُقدَّم وفقًا للفهم العام للإيمان المسيحي، والذي يعبر عنه قانون الإيمان بوضوح:
"هذا الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس."
لكن هناك عنصر جوهري يجب فهمه:
التجسد ليس مجرد حدثٍ زمني، بل هو قائم في القصد الإلهي وفي السماويات منذ الأزل وقبل تأسيس العالم.
هذا نجده بوضوح في الإنجيل والنصوص الليتورجية، وإن لم يكن هو التقديم البسيط للإيمان الذي يُعطَى للشخص العادي.
حينما يقول الرب يسوع:
"وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء." (يوحنا 3: 13)
فهو يتحدث عن التجسد، وعن كونه السُّلَّم المنصوب بين السماء والأرض حتى قبل أن يرتفع المسيح بجسده إلى السماء. التجسد كان موجودًا منذ الأزل، وكان هو الصلة بين الأرض والسماء قبل صعود المسيح بجسده الممجد إلى السماويات.
كيف نفهم ذلك؟ لقد أوضحنا في المحاضرات السابقة أن ما يقصده الله في التدبير الإلهي لا يخضع للزمن، فليس لدى الله "كان وأصبح"، بل هو الحاضر الأبدي؛ أمس، واليوم، وغدًا، كلها أمامه كواقع مستمر. الزمن يقيِّد البشر على الأرض، أما في السماويات، فلا يوجد ماضٍ أو مستقبل، بل حضور دائم أمام الله.
إذًا، التجسد هو الذي صنع هذا السُّلَّم، وعلى هذا السُّلَّم - الذي هو التجسد - تم تحقيق الصلة بين الله والإنسان.
المسيح كان في صورة الله، ثم صار إنسانًا باتخاذه صورة العبد.
في المحاضرة السابقة، تحدثنا عن حديث غريغوريوس النزينزي الذي أشار إلى أن جسد المسيح مرَّ بثلاث مراحل من التحوُّل (Transfiguration):
أما الآن، فإننا ننتقل إلى البُعد الآخر في الفهم، حيث أن المسيح كان في القصد الإلهي منذ الأزل في مجده، كما يقول بولس الرسول:
"الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله." (فيلبي 2: 6)
إذًا، لكي تفهم القصد الإلهي وتفكر بالعقلية الإلهية، يجب أن تدرك أنك تحت تأثير الزمن، بينما الله فوق الزمن، حيث كل شيء حاضر في أزليته الإلهية.
المسيح كان في صورة الله ومجده، لكنه أخلى نفسه لكي يتخذ صورة العبد ويُوجد في الهيئة كإنسان، كما يقول بولس الرسول:
"الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب." (فيلبي 2: 6-8)
وبعدما أكمل الفداء، دخل (رجع) إلى مجده:
"الذي، وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي." (عبرانيين 1: 3)
إذًا، المسيح عاد إلى مجده الذي كان له منذ الأزل، وليس كما يُقال أحيانًا أنه دخل إلى مجد جديد عليه كإنسان يسوع، بل المجد لم يكن جديدًا عليه، لأنه كان في صورة الله وكان في مجده الأزلي.
عندما أخلى المسيح نفسه من مجده، هناك جانبين يجب ملاحظتهما:
"رأينا مجده."
"والكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمةً وحقًّا." (يوحنا 1: 14)
لكن كيف رأينا مجده؟
رأيناه في أعماله الإلهية (عمل أعمال الآب السماوي)، مثل تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل.
ومع ذلك، كان في صورة العبد، أي أنه أخفى مجده السماوي.
"والآن مجِّدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم." (يوحنا 17: 5)
إذًا، لا يمكن أن ينفصل الابن عن مجده، بل صار في الهيئة كإنسان، بينما الآب يمجده عند ذاته بالمجد الذي كان له منذ الأزل
إذًا، كيف كان يظهر المجد؟
في أنه كان يعمل أعمال الآب السماوي، وكانت هذه الأعمال تكشف عن مجده الإلهي، رغم كونه في صورة العبد.
لكن السؤال هنا: إلى أين ذهب مجده؟
لا يمكن للابن أن ينفصل عن مجده، لكنه أخلى نفسه واتخذ الهيئة كإنسان.
"وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتِ، مَوْتَ الصَّلِيبِ." (فيلبي 2: 8)
ورغم ذلك، فإنه يطلب المجد الذي كان له عند الآب قبل تأسيس العالم:
"وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ." (يوحنا 17: 5)
إذًا، حالة وجود الابن على الأرض كانت في صورة العبد، لكنه كان لا يزال يمجد عند الآب بالمجد الذي كان له منذ الأزل.
يؤكد العهد الجديد أن التجسد كان دخولًا إلى العالم:
"وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ." (عبرانيين 1: 6)
إذًا، عندما حُمِلَ بالمسيح في أحشاء العذراء وولد منها، كان هذا دخول البكر إلى العالم.
إذن فهو كان فوق في مجد الآب، ثم دخل إلى العالم بالتجسد، ولكي يدخل بالتجسد، أخلى نفسه من صورة الله، من صورة المجد، إذ كان في صورة الآب.
ولهذا يقول: "أبي أعظم مني." فهو هنا يتحدث عن صورة المجد، وهو متخذ صورة العبد لكي بنعمة الله يذوق الموت لأجل كل واحد
"وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلًا بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ." (عب 2: 9).
كما دخل بالتجسد، خرج من العالم بالموت والقيامة، كما يقول سفر أعمال الرسل:
"فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ،" (أعمال 1: 21)
وكذلك ورد في لوقا:
"وَإِذَا رَجُلاَنِ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا، اَللَّذَانِ ظَهَرَا بِمَجْدٍ، وَتَكَلَّمَا عَنْ خُرُوجِهِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ." (لوقا 9: 30-31)
وفي يوحنا:
"وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ." (يوحنا 12: 32)
إذًا، دخل إلى العالم بالتجسد، وخرج منه بالموت والقيامة، ليعود إلى مجده الذي كان له منذ الأزل.
بعد القيامة، عندما جلس المسيح مع التلاميذ، لم يكن بعد في العالم، كما أكد بقوله:
"فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا!" (يوحنا 6: 62)
إذًا، الدرس اليوم يركز على التجسد، ابن الإنسان، وليس الكلمة أو ابن الله أو "الابن" كصفة إلهية مجردة.
المسيح دخل إلى المجد من خلال الألم والموت، وهذا ما شرحه لتلميذي عمواس بقوله:
"أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟" (لوقا 24: 25-26)
كان لا بد أن يتألم ويموت لكي يدخل إلى مجده، فلم يكن ممكنًا أن يعود إلى المجد إلا عبر الألم والصليب، ولذلك قال:
"وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ." (يوحنا 12: 32)
الجسد الموجود في السماء وعلى الأرض هو جسد المجد.
ماذا يعني ذلك؟ كيف يمكن لجسد محدود أن يكون ملء الذي يملأ الكل في الكل؟
"الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ." (أفسس 1: 23)
السؤال هنا: كيف صار الكلمة غير المحدود في جسد محدود؟
إن فهمت هذه النقطة، ستتمكن من فهم كيف صار الجسد المحدود غير محدود.
ما الذي يجعل الجسد المحدود يصير غير محدود؟
المجد!
"وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي." (يوحنا 17: 22-23)
اشتراك الجسد المحدود في المجد غير المحدود هو الذي جعله غير محدود، وهو ما جعل جسد المسيح الممجد حاضرًا في السماء وعلى الأرض في آنٍ واحد.
كما قال الرب يسوع:
"وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ." (يوحنا 3: 13)
إذن، هذا هو الجسد الممجد، الحاضر في السماء وعلى الأرض.
المسيح أعطانا المجد لكي يؤلهنا به:
"وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ." (يوحنا 17 :22)
لماذا؟
لأن هذا الفاسد لا يرث عدم الفساد، والمائت لا يرث عدم الموت، إلا إن تقدس وتألَّه باشتراكه في المجد الإلهي.
إن لم نُؤَلَّه بالمجد، لن نصير شركاء في عدم الفساد ولن يكون لنا نصيب فيه.
وهكذا، باشتراك الإنسان في المجد الإلهي، يشترك في جسد المسيح الممجد.
هذه الحقيقة تظهر في صلوات القداس الإلهي، حيث يقول الكاهن أثناء التقديس:
"نحن عبيدك الخطاة غير المستحقين، فليحل روحك القدوس علينا أولًا وعلى هذه القرابين، ليظهرها وينقلها ويجعلها قدسًا لقديسيه. وهذا الخبز يجعله جسدًا مقدسًا له."
إذًا، الروح القدس:
يحل علينا أولًا، لكي نكون مستحقين أن نتقدم للجسد الممجد.
ثم يقدس القرابين، ويجعل الخبز جسدًا مقدسًا للمسيح.
نحن نأكل الخبز ونتحد بجسد المسيح الممجد، فننال المجد الإلهي.
سؤال مهم: كيف نتحد بالله؟ كيف نتحد بالمسيح الابن المتجسد؟ كيف نقبل الروح القدس؟
نحن نتحد بالمسيح ونقبل الروح القدس بواسطة الطاقة غير المخلوقة الصادرة عنه.
ما هي الطاقة غير المخلوقة؟
المجد: يمجدنا بمجده.
الحب: يملأنا بحبه.
القداسة: يقدسنا بقداسته.
الفرح: يكون فرحي كاملا فيهم.
"كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ." (يوحنا 15: 11)
في يوحنا 17، يوضح المسيح نوعين من المجد الإلهي:
المجد المعطى لنا:
"وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ." (يوحنا 17: 22)
المجد الأزلي الذي كان له عند الآب:
"وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ." (يوحنا 17: 5)
هذا المجد كان لابن الإنسان، للكلمة المتجسد، وهو الآن يعود إلى مجده الأزلي.
كما قال الرب:
"فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا!" (يوحنا 6: 62)
"خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ." (يوحنا 16: 28)
"إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ، لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ، وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ." (فيلبي 2: 6-8)
"وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ." (يوحنا 17 :5)
قبل أن نصل إلى خلاصة الموضوع، لا بد أن ندرك أننا نلنا نصيبًا في المجد الإلهي، في ابن الله، في جسد المسيح الممجد.
لكن ما الذي يحدث لنا هنا على الأرض؟
نحن نشترك معه في مواجهة الموت والخطيئة وإبليس، كما يقول الرسول بولس:
"لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ،" (رومية 8: 3)
كما أنه أبطل الخطيئة بذبيحة نفسه:
"فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ." (عبرانيين 9: 26)
وكذلك جرد الرياسات والسلاطين، وجعلهم عبرة جهارًا بالصليب:
"إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ." (كولوسي 2: 15)
إذًا، علينا أن نشترك معه في هذه المواجهة بالإرادة الكاملة، وباتحاد إرادتنا مع إرادته.
نقبل حكم الموت في الجسد، وندين الخطيئة فيه.
نثبت في الطاعة، ونموت معه روحيًا، لكي نشترك في قوة قيامته.
لكن لماذا، بالرغم من اشتراكنا في قوة القيامة، لا نزال نعاني في الجسد؟
كما أوضحت في المحاضرات السابقة، إن خرجنا من هذا العالم، فلن تكون لدينا فرصة للتبشير والرعاية والخدمة.
"وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ." (في 1: 24).
لكن إذا غلبنا، فسندخل معه في شركة مجيدة:
"مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ." (رؤيا 3: 21)
ونتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد:
"وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ." (2 كورنثوس 3: 18)
وكما يقول يوحنا الرسول:
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ." (1 يوحنا 3: 2)
إذًا، كلما زادت شركتنا في موته، زادت شركتنا في قيامته.
البعض لا يزال يجاهد ويواصل الإماتة، فيختبر قوة القيامة بنسب متفاوتة، وهو لا يزال في الجسد.
أما الذين بلغوا إلى الإماتة الكاملة، فلا يجلب عليهم أحد فيما بعد أتعابًا، لأنهم حاملون في أجسادهم سمات الرب يسوع.
"فِي مَا بَعْدُ لاَ يَجْلِبُ أَحَدٌ عَلَيَّ أَتْعَابًا، لأَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ." (غلاطية 6: 17)
فتكون النتيجة:
"مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غلاطية 2: 20)
إذًا، ما الذي لا يزال يربطنا بالعالم؟
الجسد، الذي يتحمل فيه المؤمنون هجمات إبليس.
أما العقل، الروح، النفس، المشيئة، الأفكار، والقرارات، فهي قد أخذت بقوة القيامة وارتفعت إلى السماويات.
وهذا ما نراه في سير القديسين الذين بلغوا إلى غلبة الأوجاع:
هم موجودون بيننا بالجسد، لكنهم ليسوا بعد خاضعين لسلطان هذا العالم.
لقد دخلوا روحيًا إلى الشركة الكاملة في القيامة، فلم يعد لهم ارتباط بهذا العالم إلا بالجسد فقط.
المجد الإلهي: وسيلة التأليه والاتحاد بالمسيح
لقد أوضحنا سابقًا أن المسيح أعطانا المجد لكي يؤلهنا به، ولكن هناك عنصر آخر في القصة، وهو أن المجد يُوحِّدنا به.
يقول الرب يسوع في إنجيل يوحنا:
"وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ." (يوحنا 17: 26)
هناك فرق جوهري بين:
"محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا."
"وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدْ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا." (رومية 5: 5)
وبين "ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به."
"وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ." (يوحنا 17: 26)
الفرق:
الحب الأول هو محبة الله المنسكبة في قلوبنا بالروح القدس عند قبول المسيح.
أما الحب الثاني، فهو الحب الذي بين الآب والابن يسوع المسيح، الذي يُوحِّدنا بالله.
كيف يتحقق هذا الحب فينا؟
كما يقول الرب يسوع:
"الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحب أبي، وأنا أحبه، وإليه نأتي، الآب وأنا، وعنده نصنع منزلًا." (يوحنا 14: 23)
إذًا، هذا هو الحب:
"ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم." (يوحنا 17: 26)
ما هو المطلوب مني أنا الإنسان؟
أنا عليّ الطاعة والإماتة.
أما القيامة والمجد وانسكاب الحب بين الآب والابن يسوع المسيح، فهذا عمل المسيح فينا.
وكما طلبت أم ابني زبدي أن يجلسا عن يمين ويسار المسيح، كانت الإجابة واضحة:
"تشربون الكأس التي أنا سأشربها، وتصبغون بالصبغة؟"
"فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ». فَقَالَ لَهُمَا: «أَمَّا كَأْسِي فَتَشْرَبَانِهَا، وَبِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ. وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِيني وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي»." (متى 20: 20-23)
الآب هو الذي يصحح ورقة امتحانك الروحي، وهو الذي يمنحك التقدير.
هل شربت الكأس بضجر وتذمر؟ أم بطاعة وخضوع كما فعل المسيح؟
عندما يرى الآب أنك أكملت الطاعة، يمنحك الشركة الكاملة معه.
وهكذا، يعطيك:
قوة القيامة، فتصير روحك وفكرك في السماويات.
المجد الذي يشترك به الإنسان ويتأله به.
الحب الذي هو في الثالوث المقدس.
"وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ." (يوحنا 17 :26)
يجب أن نفهم أن غاية الاختبار المسيحي ليست مجرد معرفة نظرية، بل الشركة الكاملة مع المسيح.
"أن يكون المسيح فيَّ، وأن يآتي المسيح والآب ويصنعوا منزلًا فيّ"
"أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا." (يو 14: 23).
هذا هو الإنجيل الحقيقي، وهذه هي المسيحية الحقيقية.
الآن، جسد المسيح الممجد، الذي ارتفع فوق السماوات لكي يملأ الكل، هو ملء الذي يملأ الكل في الكل.
"الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ." (أفسس 1: 23)
جسد المسيح هو الطريق الحي الذي فتحه لنا بين الأرض والسماء، كما يقول الرسول بولس:
"فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ." (عبرانيين 10: 19-20)
المسيح نزل من السماء على هذا الجسد، أي التجسد.
أنا أصعد إلى الآب وإلى السماء على هذا الجسد، أي الشركة في المسيح.
إذًا، الحياة الأبدية ليست مجرد دخول إلى السماء، بل هي الشركة الحقيقية في جسد المسيح.
"لكي يكون لكم شركة معنا، وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح." (1 يوحنا 1: 3)
عنوان المحاضرة القادمة: الآب أعطانا ابنه
كيف وضع الرب عليه إثم جميعنا؟