كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَامًا، وَأَمَرَّنِي عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ، وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدًّا. فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ. فَقَالَ لِي: تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ. وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَبًا وأَكْسِيكُمْ لَحْمًا وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْدًا وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحًا، فَتَحْيَوْنَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ. وَبَيْنَمَا أَنَا أَتنَبَّأُ كَانَ صَوْتٌ، وَإِذَا رَعْشٌ، فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ. ونَظَرْتُ وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا، وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ، وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ. فَقَالَ لِي: تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ، تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِلرُّوحِ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيَوْا. فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا." (حز 37: 1-10).
في كثير من الأحيان يعبر عن الموت بالموت الجسدي أي الموت الناتج عن توقف وظائف الحياة، لكن المسيح تحدث عن الموت بالمفهوم الروحي، أي ان الانسان يكون يعيش حياته الطبيعية بكل مظاهرها الحيوية ولكن يعيش الموت بداخله قد تمثل حالة الموت داخل الانسان بالحزن الشديد او اليأس او الفراغ العميق جدا.
"فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ،" (عب 2: 14)
"أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ." (يو 8: 44)
ابليس هو ملك الموت ومن له سلطان الموت وهو أيضا من صنعه، وهو يرسل القوة المميتة التي في كيانه الى الانسان، ابليس هو أصل كل موت وأصبح هكذا بسبب انفصاله عن الحياة عندما انفصل عن الله وعن الشركة معه.
الضعف والحزن واليأس كلها اشكال من الموت الذي يرسله ابليس الى الانسان اما الروح القدس هو روح القوة والفرح والرجاء، وقد يصل ابليس بالموت الى الإنسان عن طريق استخدامه لأشخاص من حوله، وقد لا يكون حدوث هذا يشترط وجود موقف يحتك فيه الانسان بالأشخاص المتواجد فيهم الموت أي حضور ابليس بل يكفي بالإنسان ان يرى الموت فيهم عن طريق تصرفاتهم المملؤة بالطمع والبغضة والشهوة، وكل هذه المؤثرات الخارجية تؤثر على الانسان في صورة وجع حتى تنتقل الى الانسان نفسه (الخطية معدية).
ابليس يفيض بسم الموت عن طريق وسائل واوعية مختلفة حتى يفصل الانسان عن محبة وحياة المسيح، وذلك يظهر في عدم قدرة الانسان على طاعة وصية المسيح بسبب دخول الموت اليه.
حيثما وجدت الخطية وجد روح الخطية أي كلما سمح الانسان الى الخطية بالدخول اليه سمح بالتبعية لروح الخطية أي روح ابليس بالدخول اليه.
"اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ." (يو 10: 10)
الله اعطى ابنه يسوع المسيح للإنسان كي يحيا به فهو الحياة الغالبة للموت المرسلة لنا من عند الآب ومن هنا معنى انا يحصل الانسان على الحياة هو ان يتحد الانسان بالمسيح، لذلك يجب على الانسان ان يغلق كل حواسه عن تيارات الموت الموجه اليه من ابليس في شكل الخطية حتى لا ينفصل عن الوحدة مع الحياة التي في المسيح.
"فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا" (لو 9: 55)
واهم شيء في مقاومة روح الموت هو ان يختبر الانسان نفسه بصفة مستمرة حتى يعرف من أي روح هو، أي ان يعرف هل هو من الروح القدس ام من روح الموت، وذلك يتبين من أفعال الانسان وأفكاره فإذا كانت أفكاره متجهة الى النجاسة او البغضة او الكبرياء فهو بالتأكيد من روح ابليس، اما إذا كانت أفكاره متجهة الى المحبة والاتضاع والقداسة فهو من الروح القدس.
وكل فعل او فكر من روح ابليس له الفعل او الفكر المضاد من الروح القدس، بمعنى إذا كان تأثير الروح الذي يأتي به ابليس على الانسان هو روح الكذب يقابله الانسان بروح الحق وإذا كان روح البغضة يقابله بالغفران وروح النجاسة بالمحبة، وهكذا حتى يحترق الروح المؤثر على الانسان من ابليس وحتى ينفصل الانسان عن روح ابليس.
"فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ" (أع 9: 6)
"طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ." (مت 5: 8)
ويجب على الانسان ان يكون متسلحا بنية اتحاد إرادته بإرادة الله عن طريق وصياه، حتى يتنقى القلب من الموت ومن كل تأثير دخل به هذا الروح على الانسان وحتى يستطيع الانسان ان يعاين حياة الله ويدركها.
"أَيُّهَا الصُّمُّ اسْمَعُوا. أَيُّهَا الْعُمْيُ انْظُرُوا لِتُبْصِرُوا." (إش 42: 18)
"اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ." (إش 45: 22)
الله أرسل ابنه للعالم أي للإنسان لكي يقبله ويحيا به ويستلم من المسيح قوة الحياة الغالبة للموت ويرفض كل ما هو لروح الخطية وكل ما هو لروح ابليس.