التطهير
Apr 07, 2020 658
980 79

التطهير

ما هو التطهير؟

وما معنى اننا تطهرنا بالمسيح؟

وما هو معنى الطهارة؟

ما هي النجاسة؟ ومن هو النجس؟

التطهير او الطهارة هو الشيء المقابل للنجاسة، ومن ثم عند التحدث عن الطهارة والنجاسة من مفهوم العهد الجديد يجب ان نفهم مثلا ان النجاسة من حيث مفهوم العهد الجديد لا تتمثل في أكل شيء نجس او عدم غسل الأيدي عند الأكل مثل ما كان في العهد القديم عند اليهود ولكن مفهوم النجاسة في العهد الجديد تتمثل في تأثيرات وأفكار وأعمال الروح النجس.

"لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ."(مت 15: 11)

"أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟، وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌهذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ." (مت 15: 17-20)

العهد الجديد يقدم الروح القدس مقابلاً للروح النجس أي ان اعمال الروح القدس وحضوره تكون مقابلة ومضادة لأعمال وحضور الروح النجس، ومن هنا يأتي معنى التطهير وهو نزع اعمال وحضور الروح النجس وان يحل محل كل ما هو للروح النجس حضور واعمال الروح القدس، اذن التطهير في المفهوم المسيحي أي في مفهوم العهد الجديد هو التطهير او التخلص من الروح النجس.

السيد المسيح واجه عدة أوجه لتأثيرات الروح النجس على الإنسان فمن أوجه تأثيرات الروح النجس على الانسان هو ان يمتلك الروح النجس الانسان ويكون له سلطان كامل على جسده مثل مجنون كورة الجدريين وكان تعامل السيد المسيح مع هذا الشخص انه أمر الروح النجس بأن يخرج منه،

"وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ،" (مر 5: 2)

"لأَنَّهُ قَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ." (مر 5: 8)

ويلفت السيد المسيح نظرنا الى وجه اخرمن أوجه تأثيرات الروح النجس وذلك عندما انتهر التلاميذ مرة وانتهر بطرس مرة أخرى وذلك عندما تكلموا من الروح النجس، وفي هذه الحالة استطاع روح ابليس اي الروح النجس ان يدخل الى أفكارهم ودواخلهم وان يظهر من خلال حديثهم وللروح النجس اشكال كثيرة مثل البغضة والانتقام والكبرياء والكذب وغيرها.

"فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا؟ فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!" (لو 9: 55-54)

"فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلًا: حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ : اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ." (مت 16: 22-23)

لذلك يجب ان يتنبه الإنسان الى نفسه والى أفكاره وتوجهاته ومن أي روح هي فإذا كانت توجهاته الى الكبرياء وحب العالم ومشتهياته او الى البغضة والانتقام او انها الى النجاسة والشهوة يكون الإنسان من الروح النجس أي روح ابليس.

ويجب انه يتنبه الانسان انه لا خلطة للروح القدس مع الروح النجس وانه لا يوجد من قد يمزج بينهما، وقد يتعرض الإنسان الى خداع النفس ومحاولا ان يقنع نفسه بإمكانية خلط حضور الروح القدس في حضور الروح النجس، لذلك يجب ان يختبر الإنسان ويواجه نفسه ويكون يقظ ويعرف ويحدد من أي روح هو.

ان معرفة الإنسان من أي روح هو بدون تهوين هي أولى مراحل التقديس والتطهير وذلك بتعمق الإنسان في دواخله وأفكاره ووجدانه ومشاعره وان يتتبع أفكاره او حتى أحلامه من أي روح هي فلابد ان تكون دخلت الى كيانه عن طريق أحد الروحين فان الأفكار والدوافع قد تكون تكونت من الروح القدس او من الروح الشرير أي الروح النجس.

وحتى يعرف الإنسان اتجاهات دواخله وافعاله لابد ان يقيسها على كلمة الله ووصيته وان لا يتنازل عن أي جزء فيها مهما كان يبدو للبعض جزء صغير او مهمل لان اهمال أي جزء من الوصية يعتبر دخول لأعمال الروح النجس داخل الإنسان وان الانسان سمح بذلك بإهماله للوصية.

وعند حديثنا هنا عن الوصية لا نقول انها هي مصدر التطهير والخلاص ولكن قوة التطهير تأتي من عمل المسيح في صليبه وقيامته وهي عطية الله لمن يقبلها، ولكن وظيفة الوصية هنا انها تعتبر المقياس الذي يقيس الإنسان نفسه عليه ويعرف من أي روح هو.

"لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ." (أف 2: 8)

 ويسمح الانسان بعمل الروح القدس و عمل فداء المسيح في حياته عندما يأتي الانسان الى الله بتوبة حقيقية فإن قوة التطهير تغمره أي انه تفيض عليه قوة شفاء من الروح النجس، ويكون في هذه الحالة الإنسان في حالة كره للخطية ويشعر بالتجديد وهذا يحدث من غمر روح القداسة بعمل ذبيحة المسيح، و عند هذه المرحلة لا يجب ان يقف الإنسان و ينسى تطهير خطاياه السالفة وذلك يحدث بانه لا يهمل او يتنازل عن أي جزء من الوصية ، الوصية هي المؤشر الذي يقيس هل الإنسان ينمو في حياة التطهير بالروح القدس ام انه خرجت من هذه الحياة و رجعت متحدا بالروح النجس.

اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. وَلِهذَا عَيْنِهِ ­وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ­ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ. لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ." (2 بط 1: 4-9)

ان الاتحاد بالروح النجس هو المعنى الحقيقي لسقوط الإنسان وبعده عن روح الله وانقياده الى شهوات ابليس، ولكن الذي يرفض الانحياز والانقياد الى شهوات الروح النجس يصبح قادرا على استلام الروح القدس.

"أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ." (يو 8: 44)

"لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ." (رو 8: 14)

فاذا استطاع الانسان كل يوم ان يميت اعمال الجسد بالروح، أي انه يطهر نفسه في طاعة الحق بالروح، اي انه يحل في داخله الروح القدس محل الروح النجس، أي ان يحل تأثيرات الروح القدس محل الروح النجس، أي انه يقاوم كل فعل من الروح النجس بما يقابله من الروح القدس فمثلا تقابل النجاسة من الروح النجس بالقداسة من الروح القدس والبغضة والغيرة من الروح النجس بالمحبة من الروح القدس، أي انه يميت اعمال الروح النجس التي بداخله بالروح القدس.

"طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ." (1 بط 1: 22)

"لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ." (رو 8: 13)

ويجب على الانسان ان يقوم بتطهير نفسه كل يوم حتى يثبت ف الروح القدس وتنسحب تأثيرات الروح النجس في كيانه ويحل محلها تأثيرات الروح القدس وحتى يحل الشفاء في جسده وكيانه ومشاعره.

 ولكن إذا أهمل فعل التطهير ليوم او مر عليه عدة أيام يشعر الانسان بصعوبة الامر وذلك بسبب ما تكون عنده من خبرات الفشل بسبب تملك الروح النجس منه عندما فقد المواظبة على الامتلاء بالروح القدس.

لذلك إذا اعتبرنا ان للتقديس والتطهير خطوات عملية تكون هي

أولا: يجب على الانسان ان يكون مدرك لما يريد ان يرفضه من تأثيرات الروح النجس.

ثانيا: ان يكون الانسان متخذ لقرار انه سيرفض هذا التأثير من الروح النجس.

ثالثا: ان يكون الانسان مدرك الوسيلة الوحيدة للغلبة على الروح النجس وهي بالروح القدس بعمل ذبيحة المسيح وان يطب قوة عمل روح القداسة الذي سيأخذ من المسيح ويفيض في جسده ونفسه وعقله، "لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ." (رو 8: 13)

رابعا: ان يحافظ الانسان على عطية غفران دم المسيح وان يقوم بالتطهير من الروح النجس كل يوم وان يمتلئ أيضا من الروح القدس وان لا يعطي للشرير مكانا.

ان المسيح قادر ان يطهر للتمام لأنه غلب الروح النجس بموته على الصليب وقيامته ويستطيع كل انسان ان يستلم قوة غلبة المسيح وقوة شفاؤه للنفس والروح والجسد ويستطيع ان يسكن فيه المسيح بعمل روح القداسة بدل الروح النجس وذلك إذا تنازل عن الروح النجس وطلب حضور الروح القدس والمسيح في حياته متنازل عن كل قناعات الذهن الخادعة وإذا امات اعمال الجسد بالروح.

"مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ»." (رؤ 22: 11)

Powered By GSTV